خسر النفط خلال الأسابيع الماضية 30% من قيمته بسبب ارتفاع الناتج النفطي لدول منظمة «أوبك» وروسيا، بالاضافة لوفرة المخزونات النفطية الأميركية، بعد أن كانت التقارير تشير الى تعافي أسواق النفط وارتفاع سعر البرميل لما فوق 80 دولاراً قبل أشهر قليلة، ليكون هذا بمثابة درسٍ قاسٍ لنا لمحاولة ايجاد مصادر دخل بديلة عن النفط.
لكن هذا ليس هو التنبيه الأول ولن يكون الأخير، اذا استمررنا على ما نحن فيه من الاتكال بشكل مطلق على ايرادات النفط، والاعتماد عليها في رصد موازنة الدولة، وربط مصير الدولة ومواطنيها ورواتبهم وأموالهم بالسوق النفطي وتقلباته الشائكة، المرتبطة بالمؤامرات السياسية والدسائس والحروب الباردة بين الدول الكبرى والتي لا تلقي بالاً للمواطن البسيط.
ولعل النموذج الفنزويلي هو مثال لما يمكن أن يحدث في حال أن استمرت الدولة - ومازالت مستمرة مع الأسف - في الاعتماد على الدخل النفطي فقط، اذ تحولت فنزويلا التي تملك مخزونًا ضخماً من النفط الى ما يشبه جمهورية موز فقيرة، ينهكها الانقسام السياسي ويعلوها شبح المجاعة، بسبب تأثرها بهبوط سوق النفط قبل أعوام، لأنها كانت تعتمد بشكل كلي على عائدات النفط دون بناء اقتصاد وطني حقيقي.
لكن على الجهة الأخرى، لا يمكن للحكومة أن تتعذر بالتقشف بسبب هبوط أسعار النفط، وتقوم برفع الدعم عن السلع الأساسية للمواطنين، أو الغاء بعض العلاوات في رواتب المواطنين كما لوحت قبل أعوام، أو رفع أسعار الوقود كما فعلت قبل سنتين، وذلك لأن الاصلاح الاقتصادي يجب أن يبدأ أولاً عبر اغلاق صنبور المناقصات التنفيعية المفتوح وبشدة لكبار المتنفذين لأنهم يستنزفون مليارات الدنانير من خزينة الدولة دون فائدة تذكر.
كما أن اللبنة الأولى لأي مشروع تحول اقتصادي طموح هو القضاء على الفساد والفاسدين في ادارات الدولة، والا فإن عملية التحول الاقتصادي والتخلص من النفط كمصدر دخل أساسي ووحيد ستكون بلا جدوى مثل عملية كنس السلم من الأسفل!